الجمعة، 28 سبتمبر 2012

(المناقشة الثالثة)

هل اتهم السيد الخوئي (قده) أعلام الطائفة بعدم التحصيل العلمي؟!
مناقشة ثالثة لما أفاده أحد أساتذة الحوزة العلميّة في قم المقدّسة
بقلم: الشيخ جابر جوير
نشرت (قناة الحيدري تيوب/AlhaydariTube) في موقع اليوتيوب، بتاريخ 27/9/2012م؛ مقطعاً بعنوان : (رد السيد الحيدري على مغالطات البعض حول السيد الخوئي)، قال فيه المُتحِّث ما هذا نصّه بحروفه (ضمن الخمسين ثانية الأولى) : (أمس واحد متصل بيّه نص ساعة مولانا، عنده إشكال، سيدنا ليش إنت قلت: ليس له ذوق فقهي أو لم يذق من الفقه شيئاً، طبّقته على مَن؟، على السيد الخوئي، قلت: له يا عزيزي، بيني وبين الله، هذا أسلوب علمي، كل علماء مستعمليه، هذا مو فد شيء جديد، السيد الخوئي هم يقول عن الشيخ الكليني والطوسي والصدوق وكل الذين قالوا بصحة روايات الكتب الأربعة، يقول: هؤلاء ليس (له) لكلامهم معنى مُحصَّل، أصلاً هذوله مو مُحصِّلين هذوله، عجيب! الشيخ الكليني مو محصّل؟!، يقول: لا هذي مو مو هذي مو شتيمة هذي، وإنّما ماذا أريد أقول: هذا القول ماذا؟ لا قيمة علمية له).
وهو مقطع مأخوذ من درس بحث الخارج الذي اُلقي في مدينة قم المقدّسة، منشور في الموقع الرسمي بعنوان: الرؤية الفقهية عند العلامة الحيدري (7)، الدقيقة 23:52 وما بعدها.
الرابط:

أقول: حاصل ما أراد أنْ يُثبته المُتحدِّث هو وجود كُبرى مفادها أنّ (الأسلوب الذي اُستنكر عليه) هو أسلوب علمي مُمَحَّض بالعلميّة؛ وأنّ هذا الأسلوب يستبطن معنىً آخر غير المعنى الظاهر منه (أي معنى الانتقاص من الأشخاص)، وهذا المعنى المُسْتَبْطن هو انتقاص نفس الفكرة أو الرأي، والحُكم بعدم صحته أو صحتها، مع تمام التحفّظ على شأن صاحب الفكرة أو الرأي، ثم تمسّك المُتحدِّث بما حكاه عن المحقق السيد الخوئي (قده) كمصداق للكبرى التي ذكرها، وهذا المصداق بمثابة النقض على الإشكال المُثار على هذا الأسلوب، وما أفاده المُتحدِّث ينحل إلى دعويين في الواقع:
الأوّلى: كون ذلك الأسلوب المُستنكر أسلوباً علمياً، وهو مُستعمل من قبل (كل) العلماء.
الثانية: تفسيره لظاهر عبارة المُحقق السيد الخوئي (قده) بأنّ الأعلام المذكورين (الكليني والطوسي والصدوق وغيرهم) غير مُحصِّلين!

وما أفاده قابل للمناقشة:
أولاً:
1- أمّا الدعوى الأولى؛ فعُهْدَتُها على مُدَّعيها، إذْ لم نجد (كل) العُلماء، بل ولا حتى أكثرهم انتقصوا من عيون فقهاء الطائفة، وأعاظم مراجعها! ، لمجرد الاختلاف بالرأي العلمي، بدعوى أنّ المُنْتَقِص (بالكسر) يُريد مُحاكمة رأي المُنْتَقَص (بالفتح) والرد عليه، وليس قصده أنْ يْنتقص أو ينال منه شخصياً.
2- وأمّا دعوى كون هذا الأسلوب من قبيل الأساليب العلميّة، ففيها:
أ- أنّ هذه دعوى غير مُبرهن عليها (ومحاولة الاستدلال عليها - كما فعل المُتحدِّث في نفس المقطع الصوتي-من كلمات القرآن المشتملة على ما ظاهره التنقيص؛ محاولة غير تامّة، وأجنبية جداً عن الكُبرى المزعومة، لأنّ القرآن عندما يُعبّر بهذه التعبيرات؛ فإنّما يُعبّر بها عمّن يستحقّها فعلاً، لا أنّه يحترم شخوص من يُعبّر عنهم بذلك، ويريد بهذا التعبير الانتقاص من فكرة هؤلاء فقط!، والقرآن بين يديك فانظر فيه؛ تقف على ما ذكرناه!).
ب- بل هذا على خلاف سيرة العُقلاء وبنائهم، فإنهم يفرّقون في خطاباتهم بين مقام مناقشة الفكرة والرأي، ومقام الانتقاص من صاحبهما.
ج- مُضافاً إلى أنّنا لم نظفر بقول لأحد العلماء من المُتقدِّمين والمتأخّرين يصف فيه (أسلوب تنقيص شأن الأعاظم) بالأسلوب العلمي!
د- ناهيك عن كون المتفاهم في المحاورات العُرفية هو إرادة الظاهر من الكلام، إلاّ ما خرج بالدليل المُعتبر، وأين هذا مما نحن فيه؟
ثانياً:
تفسير ظاهر العبارة المنسوبة للمحقق السيد الخوئي (قده) بالنحو المذكور غريب جداً؛ فإنّ المُتعارف عليه في أروقة الحوزة وأوساطها في هذا الزمان؛ أنّ معنى قولهم (فلان غير مُحصِّل) ؛ أي ليس له تحصيل علمي مُعتبر، أو غير مُتوفِّر على رصيد ودراسة في العلوم الدينية، وحمل كلام المحقق السيد الخوئي (قده) على هذا المعنى في غير محلّه، ولا مجال للأخذ به، وهو غريب -كما قلنا- لا سيّما من مثله، بيان ذلك:
أنّ عبارة ( (كلام فلان) لا يرجع إلى معنى مُحصَّل )، من العبارات المتداولة، والمستعملة على ألسنة المحققين والفقهاء، وهي بمثابة قولنا: ( (كلام فلان) لا يرجع إلى معنى صحيح أو معتبر يتم تحصيله)، وتُستعمل في موارد رفض المحقق أو الفقيه للرأي العلمي، والاعتراض عليه أو الحُكم عليه بعدم الاعتبار، مع قطع النظر عن صاحب الرأي، فهي غير ناظرة إليه أصلاً، في حين نجد المُتحدّث فسّر ظاهرها بمعنى: أنّ صاحب الرأي العلمي هو نفسه من غير المُحصٍّلين!! ، مع أنّ موضوع عدم التحصيل في العبارة هو الرأي لا صاحبه، مُضافاً إلى أنّه من الواضح جداً أنّ عدم صحّة الرأي لا تُلازم عدم وجود تحصيل علمي لصاحب الرأي.
والحاصل: أنّ ما أفاده مما لا يُمكن المساعدة عليه بوجه، بل لا يخلو من اضطراب بياني، ومحاولة تطبيقه على مورد النزاع محاولة غير تامّة.
إشكال ودفعه:
فإنْ قيل: أنّ المُراد من تفسير المتحدِّث ليس المعنى المُتعارف في الأوساط الحوزوية في (عبارة فلان غير محصِّل)، وإنّما مُراده غير مُحصِّل للمعنى الصحيح في خصوص المسألة التي يبحثها الفقيه، وتكون مورداً للاختلاف والأخذ والرد، فيحكم فقيه ما بعدم صحة رأي الآخر فيعبّر بهذه العبارة بداعي الإشارة إلى: عدم تحصيل صاحب الرأي الخاطئ للمعنى الصحيح.
فإنّه يُقال: وإنْ كان هذا التوجيه لا يخلو من تكلّف، إلاّ أنّه مع ذلك لا سبيل للإلتزام به فيما نحن فيه، بل هو خروج عن محل البحث، لأنّ المفروض أنّ المُتحدِّث في مقام النقض على من اعترض عليه في تطبيق عبارة صاحب الجواهر (قده) على المحقق السيد الخوئي (قده)، والمفضية إلى اتهام الأخير بكونه لم يذق طعم الفقه!، ومن الواضح أنّ هذا النقض غير وارد على محلِّ الاعتراض، إذْ النقض المذكور أخصّ من المُدّعي، حيث أقصى ما تدل عليه العبارة بهذا التفسير الأخير هو أنها مساوقة لمعنى (أخطأ فلان)، فعدم تحصيل المعنى الصحيح في المسألة الكذائية مساوق لمعنى الخطأ في هذه المسألة، وأين هذا من سلب الفقاهة أو كون صاحب المسألة لم يذق من طعم الفقه شيئاً؟! أو نحو ذلك من الطعون والتنقيص في صاحب الرأي الخاطئ بالجملة؟! اللهّم إلاّ إذا كان تخطئة الإنسان غير المعصوم في رأي ما؛ معدودة عند العُقلاء والمُتفاهم العُرفي من جملة الطعن به والتنقيص من شأنه، وكون ذلك بقوة إسقاط علميته والنيل منها، وهو كما ترى!
وأمّا كون ذلك بمثابة الخروج عن محلِّ البحث، فإنّ محلّ النزاع ومثار البحث هو التعبير بهذه التعبيرات (القاسية!) والمُجحفة بحق أعاظم الفقهاء وأعلام الطائفة؛ التي من قبيل ما تم تطبيقه (وتعرّضنا له مُفصّلاً في المناقشة الثانية، فراجعها إنْ شئت) في حق المحقق السيد الخوئي (قده) الذي هو زعيم الحوزة العلمية في وقته، وأستاذ الفقهاء والمُجتهدين، بل وتطبيقه على بعض تلامذته الفقهاء والمراجع العظام الذين يتبنّون مسلكه في مسألة ولاية الفقيه ، وليس مثار البحث وجهته هو تخطئة المُخطئ من الفقهاء، كيف وهذا -أي تخطئة المخطئ- هو دأب العلماء والمحققين، بل وسائر العقلاء، وتخطأة غير المعصوم لا توجب الطعن بشخص وعلم ومقام المُخطئ بلا أدنى تأمّل عند الجميع.
والحاصل: أنّ الالتزام بهذا التخريج هو خروج عن محلِّ البحث، ويجعل من كلام المُتحدِّث كلاماً أجنبياً عن حريم الإشكال المُثار عليه، فلا مناص من أنْ يكون مقصود المُتكلّم هو المعنى الأوّل، وهو (عدم التحصيل العلمي)، وحينئذ ترد عليه الإشكالات التي ذكرناها فيما تقدّم.
خاتمة: في ذكر بعض نماذج من عبارات المحقق السيد الخوئي (قده) في مناقشة فقهاء وأعلام الطائفة:
الأول: في حقِّ شيخ الطائفة الطوسي (قده) ، قال المحقق السيد الخوئي (قده) في معجم رجال الحديث ج4 ص164 برقم: 1602 في مناقشة شيخ الطائفة: ( ولكن من المُطمأنّ به : أنّه سهو من قلمه الشريف ، والله العالم ).
الثاني: في حقِّ العلامة الحلي (قده)، قال : المعجم ج16ص142 برقم: 10335 : (وكلمة (حمدويه) في كلام العلامة - أعلى الله مقامه - من سهو قلمه الشريف).
أقول: ونحو هذه التعبيرات ونظائرها شائعة وكثيرة في كلماته (قده)، وليس مقصودنا الاستقصاء والتتبع التام في آثاره (قده)، ولاحظ أنّه أرجع السهو والخطأ إلى القلم، وليس إلى صاحب القلم نفسه، مع أنّ الأولى بالخطأ هو صاحب القلم، وليس هذا إلاّ من كمال تأدّب ورُقي المحقق السيد الخوئي (قده) مع أعلام الطائفة (أعلى الله كلمتهم الشريفة)، ورضوان الله تعالى على هذا المحُقق العظيم، وقدّس الله روحه الشريفة، وعطّر الله ثراه.

وصلِّ اللهم على محمد وآله الطاهرين، وآخر دعونا أنْ الحمد لله رب العالمين.
جابر جوير
الجمعة، 12 من ذي القعدة 1433 ، الموافق 28 سبتمبر 2012.

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

(المناقشة الثانية)

هل السيد الخوئي (قده) لم يذق طعم الفقه ؟!
مناقشة ما طرحه مؤخّراً أحد أساتذة الحوزة العلمية في قم المقدّسة
حول كلام المحقق النجفي صاحب كتاب جواهر الكلام (قده) وتطبيقه على السيد الخوئي (قده)

بقلم: الشيخ جابر جوير 


بسمه تعالى
راج - مؤخّراً – مقطع جديد في موقع (اليوتيوب) – نُشر بتأريخ 23/9/2012م- لبعض أساتذة الحوزة العلمية في مدينة قم المقدَّسة، يشتمل على بعض الأمور التي يدعونا التكليف الشرعي إلى التعليق عليها، وبيان ما فيها، وتجدر الإشارة إلى أنّنا طابقنا بعض ما ورد في هذا المقطع مع بعض ما ألقاه المُتحدِّث في بحث (خارج الفقه) في حوزة قم المقدّسة، وذكرناه في محلّه كما سيوافيك؛ إمعاناً لتوثيق الفكرة التي طرحها.
 
المطلب الأول: كلمات المُتحدِّث
قال في المقطع المنشور (الدقيقة: 0:33- 2:16 ): ( تقولي سيدنا: يعني تقول السيد الخوئي ما يدري الفقه؟ أقول: مو ده أنا أقول ، منو ده يقول ؟ ، صاحب الجواهر ده يقول، خل أقرالك العبارة حتى ترتاح مباشرة، طبعاً بنفس هذا البيان اللي أنا شرحته أعزائي مو ببيان آخر، يقول: "بل لولا عموم الولاية (...) لبقي كثيرٌ من الأمور المتعلقة بشيعتهم معطلة (...قال:) فمن الغريب (...) وسوسة بعض الناس (...) في ذلك (يعني في عموم الولاية)، بل كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئاً (...جزاك الله خيراً ، وإلا هاي أنا وين جنت أقدر أقولها؟! ، لو أقولها مولانا جان خمسين فتوى تطلع! هَذّني أنا ما قريتهن، أنا ما قريتهن في الكوثر، هَذنّي ما قريتهن،  وهاي الهوسة! صارت من شهر رمضان لي هسّه، هاي العبارات ما قريتهن...)، ولا فهم من لحن قولهم ورموزهم أمراً (...) ، ولا تأمّل المراد من قولهم إنّي جعلته عليكم حاكماً وقاضياً وحجة وخليفة" .انتهى.

ملاحظة: ما بين الأقواس هو تعليق المُتحدّث على كلام المحقق صاحب الجواهر (قده) أثناء قراءته له، ووضعنا نقاطاً بين بعضها طلباً للاختصار، وبما لا يخلّ بأصل كلام المُتحدِّث، وما كان باللّون الأحمر فهو من كلام المحقق صحاب الجواهر (قده)، ويُمكن مراجعة رابط التسجيل.

وذكر نحو هذا الكلام في بحث خارج الفقه (مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي، برقم:201، الدقيقة:13:36 وما بعدها)، قال ما هذا نصّه: (أمّا كلام الشيخ صاحب الجواهر, أما الجواهر, فعباراته جداً شديدة وقاسية لمن يقول بنظرية ماذا؟ النظرية الأولى وهي نظرية السيد الخوئي, جداً قاسية, أنا في عقيدتي, يعني لو الآن واحد من المعاصرين يتكلم بهذه اللغة مولانا تطلع 533 فتوى ضده, لأنه يتكلم بلغة يقول أن هؤلاء الذين يقولون هذا الكلام لم يشمّوا رائحة الفقه, هذه مو مو سهل, يعني دين في اجتهادهم لو دين في دارسين فقه هذوله، هذه عباراته أقرالك إياها, يقول: "فمن الغريب" ، أصلاً يقول من مستغربات فقه الإمامية أن يأتي أحد ويقول هذا الكلام: "فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك"، بعدين أقرالك ما هو الذي وسوس فيه بعض الناس: "بل كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئا ولا فهم من لحن قولهم ورموزهم أمرا ولا تأمل المراد من قولهم إني جعلته عليكم حاكماً وقاضياً وحجةً" ). انتهى.
رابط الدرس:

المطلب الثاني: مناقشة ما أفاده المُتحدَّث
وهنا مبحثان:
المبحث الأول: بيان عدم تمامية تفسير المُتحدِّث لكلام المحقق صاحب الجواهر (قده)
المبحث الثاني: بيان عدم شمول كلام صاحب الجواهر (قده) للمحقق السيد الخوئي (قده)
وإليك ذلك مُفصّلاً:

المبحث الأول: بيان عدم تمامية تفسير المُتحدِّث لكلام المحقق صاحب الجواهر (قده)
حاصل الإشكال: أنّ المُتحدِّث جعل المحقق السيد الخوئي (قده) من مصاديق كلام المحقق صاحب الجواهر (قده)، وذلك بقوله – الذي نقلناه آنفاً- : (تقولي سيدنا: يعني تقول السيد الخوئي ما يدري الفقه؟ أقول: مو ده أنا أقول ، منو ده يقول ؟ ، صاحب الجواهر ده يقول، خل أقرالك العبارة حتى ترتاح مباشرة)، وقوله كذلك : (أمّا كلام الشيخ صاحب الجواهر, أما الجواهر, فعباراته جداً شديدة وقاسية لمن يقول بنظرية ماذا؟ النظرية الأولى وهي نظرية السيد الخوئي)، باعتبار أنّ المحقق السيد الخوئي (قده) ينفي ثُبوت الولاية العامّة للفقيه في زمن الغيبة، وكون المحقق صاحب الجواهر (قده) يُثبتها، بل ويستنكر بشدّة على من ينفيها – حسب مُدّعى المُتحدِّث- ؛ فيكون حينئذ المحقق السيد الخوئي (قده) داخلاً في جملة من استنكر عليهم المحقق صاحب الجواهر (قده)، وشكّك في فقاهتهم، بقوله أنّهم لم يذوقوا من طعم الفقه شيئاً! ، وبموجب ذلك أيضاً؛ يندرج جميع الفقهاء المعاصرين القائلين بعدم ثبوت الولاية العامّة للفقيه في ضمن كلام المحقق صاحب الجواهر (قده) !

والجواب عن ذلك: أنّ ما أفاده المُتحدِّث في غير محلّه، إذْ أنّ مُراد صاحب الجواهر (قده) هو خصوص من استشكل في ثبوت (ولاية الفقيه على إقامة الحدود في زمن الغيبة)، لا ثبوت (الولاية العامّة) كما يُتوهّم! ، وحينئذ: يكون كلام صاحب الجواهر (قده) أجنبياً عن دعوى المُتحدّث أصلاًَ!

وتقريب ذلك:
أنّ المُتحدِّث جعل المُشار إليه - مُتعلَّق اسم الإشارة- باسم الإشارة (ذلك) في قول صاحب الجواهر (قده): (فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك)، هو: (ولاية الفقيه العامّة)، ولذا فسّرها المُتحدّث صراحةً بهذا المعنى في أثناء حديثه وقراءته لكلام المحقق صاحب الجواهر (قده)؛ الذي نقلناه سالفاً، ولا يوجد مُصحّح لدعواه (أي شمول كلام صاحب الجواهر (قده) للمحقق السيد الخوئي (قده) )غير التمسّك بكون المُتعلَّق هو ما ذكره المُتحدِّث، إلاّ أن هذا في غاية الإشكال، فالشأن كله في إثبات هذا المُتعلَّق، ودونه خرط القتاد.
وعمدة ما يمكن أنْ يُتمسك به لإثبات المُدّعى؛ (وهو كون مُتعلَّق اسم الإشارة (ذلك) هو (ولاية الفقيه العامّة) ) ؛ هو رجوع الإشارة إلى كلامٍ مُتقدِّمٍ لصاحب الجواهر، وهو قوله (قده) : (بل لولا عموم الولاية لبقي كثير من الأمور المتعلقة بشيعتهم معطلة).
ولا بأس بنقل تمام كلامه – ليتضح الأمر للقارئ العادي- ، قال (قده) في (جواهر الكلام ج 21 ص397) :
(بل لولا عموم الولاية لبقي كثير من الأمور المتعلقة بشيعتهم معطلة. فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك ، بل كأنّه ما ذاق من طعم الفقه شيئاً ، ولا فهم من لحن قولهم ورموزهم أمراً ، ولا تأمّل المُراد من قولهم: إنّي جعلته عليكم حاكماً وقاضياً وحجة وخليفة ونحو ذلك مما يظهر منه إرادة نظم زمان الغيبة لشيعتهم في كثير من الأمور الراجعة إليهم، ولذا جزم فيما سمعته من المراسم بتفويضهم عليهم السلام لهم في ذلك).انتهى.

أقول: إلاّ أنّ مقتضى التحقيق أنّ المُتعلَّق ليس هو ما ذهب إليه المُتحدِّث، فهذا الإرجاع غير مُتَّجه، وبيان ذلك:
أولاً: نَقَلَ صاحب الجواهر (قده) في (الجواهر ج 21 ص 394)، ( قبل هذا المورد بـ(4) صفحات)، كلاماً للمحقق سلاّر الديلمي (قده) (ت: 448 هـ) من كتابه (المراسم)، قال صاحب الجواهر (قده): (كما أنّ ما في التنقيح من الحكاية عن سلاّر أنّه جوّز الإقامة ما لم يكن قتلاً أو جرحاً كذلك أيضاً ، فإنّ عبارته في المراسم عامّة للجميع ، قال فيها : " فقد فوّضوا عليهم السلام إلى الفقهاء إقامة الحدود والأحكام بين الناس بعد أنْ لا يتعدّوا واجباً ، ولا يتجاوزوا حداً ، وأمروا عامّة الشيعة بمعاونة الفقهاء على ذلك ما استقاموا على الطريقة"، فمن الغريب بعد ذلك ظهور التوقف فيه من المصنف وبعض كتب الفاضل سيّما بعد وضوح دليله).انتهى.
والعزو مذكور في (المراسم العلوية في الأحكام النبوية ص263-264).
أقول: يتضح أنّ مفاد كلام المحقق سلاّر الديلمي (قده) في (المراسم) أنّ الأئمة (ع) فوّضوا للفقهاء (إقامة الحدود والأحكام بين الناس)، ثم استغرب المحقق صاحب الجواهر توقف بعض المحققين في هذا الأمر بعد وضوح دليله كما قال.

ثانياً: قال صاحب الجواهر (قده) بعد الكلام الذي استشهد به المتحدِّث مباشرة (في نفس الصفحة): (فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك ، بل كأنّه ما ذاق من طعم الفقه شيئاً ، ولا فهم من لحن قولهم ورموزهم أمراً ، ولا تأمّل المُراد من قولهم إنّي جعلته عليكم حاكماً وقاضياً وحجة وخليفة ونحو ذلك مما يظهر منه إرادة نظم زمان الغيبة لشيعتهم في كثير من الأمور الراجعة إليهم، ولذا جزم فيما سمعته من المراسم بتفويضهم عليهم السلام لهم في ذلك).
 أقول: لا يخفى أنّ المُشار إليه باسم الإشارة (ذلك) في عبارة صاحب الجواهر (قده) الأخيرة، هو نفسه المُشار إليه باسم الإشارة (ذلك) في عبارته الأولى، وإلاّ صار اسم الإشارة الثاني بلا مُشار إليه، فلاحظ.

ثالثاً: يتعيّن مُتعلَّق اسم الإشارة الأخير ، بالرجوع إلى كلام المحقق سلاّر الديلمي (قده)، الذي ذكرناه في (أولاً)، وهو (إقامة الحدود والأحكام بين الناس)، ولا يُمكن الإلتزام بكونه راجعاً إلى (ولاية الفقيه العامّة) كما ترى، لكون موضوع كلامه هو الأوّل دون الثاني.
وبضميمة وحدة مُتعلَّق اسمي الإشارة الأوّل والأخير، يتضح مُراد صاحب الجواهر (قده)، وهو الإشارة إلى من وسوس في ثبوت (ولاية الفقيه على إقامة الحدود)، لا غير، ولا يُستفاد من كلامه (قده) أكثر من ذلك.
ولذا نجده (قده) بعد ذلك يُبدي استغرابه من استدلال مَن عنونهم بـ(المَوَسوسين) بخبر ضعيف – حسب مبناه- على عدم ثبوت ولاية إقامة الحدود، قال (قده) (الجواهر ج1 ص 397-398) : (وأغرب من ذلك كله استدلال من حلّت الوسوسة في قلبه بعد حكم أساطين المذهب بالأصل المقطوع ، وإجماع ابني زهرة وإدريس اللذين قد عرفت حالهما، وببعض النصوص الدالة على أنّ الحدود للإمام عليه السلام خصوصاً المروي عن كتاب الأشعثيات لمحمد بن محمد بن الأشعث بإسناده عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام " لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة إلاّ بإمام"، الضعيف سنداً).انتهى.
فكلامه (قده) كلّه مسوق لبيان مسألة (الولاية على إقامة الحدود) وما يرتبط بها، ومن عبّر عنهم بـ(الموسوسين) إنما موضوع وسوستهم هو هذا النحو من أنحاء الولاية، لا الولاية العامّة، كما لا يكاد يخفى.
مُضافاً إلى ذلك كُلّه، أنّ كلام صاحب الجواهر (قده) برمّته؛ معقود أصلاً لمسألة (جواز إقامة الحدود في زمن الغيبة للفقهاء العارفين)، وإنما تعرّض إلى سعة ولاية الفقيه على سبيل الاستطراد وإلاّ فبحثه مسوق مساق هذه المسألة، ويبدأ في الجزء الأول من كتاب الجواهر، من صفحة:394 ، إلى صفحة: 400) وإليك مطلع بحثه، قال (قده): (يجوز للفقهاء العارفين بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية العدول إقامة الحدود في حال غيبة الإمام عليه السلام كما لهم الحكم بين الناس مع الأمن من ضرر سلطان الوقت، ويجب على الناس مساعدتهم على ذلك، كما يجب مساعدة الإمام عليه السلام عليه، بل هو المشهور، بل لا أجد فيه خلافاً).
والحاصل: أنّه لا دليل على كون مُراد المحقق صاحب الجواهر (قده) هو (ولاية الفقيه العامّة)، كي يُبنى على ذلك شمول كلامه (القاسي!) للمحقق السيد الخوئي (قده) ومن وافقه في مبناه، بل الدليل على خلافه، ولا مُصحّح للدعوى إلاّ التمسّك بعبارة (بل لولا عموم الولاية لبقي كثير...إلخ)؛ وهو غير مُجدٍ كما مر.

دخلٌ ودفعٌ حول مدلول عبارة المحقق سلاّر الديلمي:
فإنْ قيل: أنّ عبارة سلاّر (قده) في (المراسم) دالّة على (الولاية العامّة)، تمسّكاً بما ذهب إليه بعض الأساتيذ المعاصرين – وستوافيك بعض كلماتهم- ، وحينئذ: يرتفع الإشكال الذي أثرناه على ما ذكره المُتحدِّث.
وإليك كلماتهم:
1-(كما أنّ إقامة الحدود والأحكام في كلام سلاّر يشمل جميع موارد إقامة الأحكام بدلالة الجمع المحلَّى بالألف واللاّم)، (دليل تحرير الوسيلة (ولاية الفقيه) للشيخ علي أكبر السيفي المازندراني ص 54).
2-(أنّ إقامة الحدود والأحكام لا تعني سوى إدارة المجتمع وفقاً لشريعة الله، والولاية على ذلك هي الولاية العامة التي نقصدها في البحث عن ولاية الفقيه، فإنّ دائرة الحدود والأحكام تشمل كل الدوائر التي تتقوم بها إدارة المجتمع، كالمصالح العامّة، والأموال، والقضاء، والأحوال الشخصية، وغيرها). (نظرية الحكم في الإسلام للشيخ محسن الأراكي ص 164 – 165).
مناقشة ما تقدّم:
أقول: ما اُفيد لا يخلو من تأمّل، بل منع، إذْ هو خلاف الظهور؛ فإنّ الظاهر من العبارة هو: الحُكم والقضاء فيما بين الناس بفصل خصوماتهم ونحو ذلك، لا حُكمهم وإدارة شؤنهم، بيان ذلك: أنّ (الأحكام) جمع (الحُكم)، ومعنى الحُكم لا يخلو فيه الحال من أحد أمرين:
الأوّل: الحُكم بالمعنى العُرفي العام، وهو مُتّحد مع المعنى اللُّغوي، وهو: القضاء، وكلمات أهل اللُّغة في ذلك أكثر من أنْ يستوعبها المقام، ولك أنْ تراجعها في مضانها إنْ شئت، ولكن لا بأس بنقل كلام الزبيدي صاحب تاج العروس - على سبيل المثال لا الحصر، وكون كلامه ظاهراً في نسبة هذا المعنى إلى جميع أهل اللُّغة- ، قال في (تاج العروس ج16 ص160) : (الحُكْمُ ، بالضَّمِّ : القَضاءُ في الشَّيْء بأنّه كَذا أو لَيْس بِكَذا سواءٌ لَزِم ذلِك غَيْرَه أَمْ لاَ ، هذا قولُ أهلِ اللّغة ، وخَصَّصَ بَعضُهم فقال : القَضاءُ بالعَدْل).
الثاني: الحُكم بالمعنى العُرفي الخاص، وهو المعنى الاصطلاحي الفقهي، وهو: التشريع الصادر من الله تبارك وتعالى لتنظيم حياة اللإنسان.
أقول: والأصل في (الحُكم) هو المعنى الأوّل، كون المُفردة موضوعة بإزاء هذا المعنى، وهو المُرتكز في أذهان العُرف، وهو المتبادر من حاق اللفظ، ولا يُصار إلى المعنى الثاني إلاّ بمعونة القرينة المُعتبرة؛ كأن يُقال مثلاً (إقامة الأحكام الشرعية)، أي بقيد (الشرعية)، وهي غير متوفّرة فيما نحن فيه، فيتعيّن المعنى الأوّل بلا إشكال، وأمّا التمسك بالثاني فهو على سبيل العناية ويفتقر لمؤنة زائدة لا يُساعد عليها المقام.
والمتحصّل: أنّ قوله (إقامة الأحكام بين الناس) ظاهرٌ بالقضاء وفصل الخصومة بين الناس، وليس من الأحكام الشرعية بشيء.
وأمّا التمسّك بالجمع المحلّى بالألف واللام؛ فلا يرجع إلى معنى محصَّل، بعد وضوح المعنى المقصود على ما بيّناه فيما تقدّم، وكذا دعوى كون دائرة الحدود والأحكام تشمل جميع الدوائر، لأنّها متفرّعة عن انعقاد الإطلاق في عبارة (إقامة الأحكام بين الناس) بضميمة ظهور مفردة (الأحكام) بالمعنى الشرعي، وقد عرفت ما فيه.
ويؤيد كل ذلك؛ ما نراه من دأب الفقهاء المتقدّمين والمتأخّرين على استعمال هذا التعبير للدلالة على القضاء وفصل الخصومة بين الناس، وليس حكومتهم وسياستهم، وتدبير شؤونهم العامّة، وإليك نماذج واضحة من ذلك:
أولاً: قال شيخ الطائفة الطوسي (قده) (ت: 460 هـ) في (النهاية في مجرد الفقه والفتوى ص 337) : (قد بينا في كتاب الجهاد من له تولي القضاء والأحكام بين الناس ومن ليس له ذلك).
ثانياً: وفصّل في كلامه المحقق ابن إدريس الحلّي (قده) (ت: 598 هـ) في (السرائر ج2 ص153-154)، فقال : (وقد بينا في كتاب الجهاد ، من له أنْ يتولى القضاء والأحكام بين الناس ، ومن ليس له ذلك. والفرق بين الحكم والقضاء ، أن الحكم ، هو إظهار ما يفصل به بين الخصمين قولاً ، والقضاء إيقاع ما يوجبه الحكم فعلاً).
ثالثاً: قال المحقق الحلّي (قده) (ت: 676 هـ ) في (شرائع الإسلام ج1 ص260) : (وقيل: يجوز للفقهاء العارفين إقامة الحدود ، في حال غيبة الإمام ، كما لهم الحكم بين الناس ، مع الأمن من ضرر سلطان الوقت . ويجب على الناس مساعدتهم على ذلك، ولا يجوز : أن يتعرض لإقامة الحدود ، ولا للحكم بين الناس ، إلا عارف بالأحكام ، مطلع على مآخذها، عارف بكيفية إيقاعها على الوجوه الشرعية. ومع اتصاف المتعرض للحكم بذلك ، يجوز الترافع إليه ، ويجب على الخصم إجابة خصمه ، إذا دعاه للتحاكم عنده).
أقول: ومضامين عبارته قريبة مما ورد في عبارة المحقق سلاّر الديلمي (قده)، فلاحظ.
رابعاً: قال العلامة الحلّي (قده) (ت: 726 هـ) في (تحرير الأحكام ج2 ص242) : (لا يجوز الحكم والقضاء بين الناس إلاّ للإمام أو من أذن له الإمام ، وقد فوّض الأئمّة ( عليهم السلام ) ذلك إلى فقهاء شيعتهم المأمونين ، المحصِّلين لمدارك الأحكام ، الباحثين عن مآخذ الشريعة ، القيمين بنصب الأدلّة والأمارات في حال الغيبة، فينبغي لمن عرف الاحكام ، واستجمع شرائع الحكم الآتية في باب القضاء من الشيعة الحُكم والإفتاء).
أقول: يُمكن أنْ يُقال أنّ عبارته (قده) بمثابة الشرح والبيان لعبارة المحقق الديلمي (قده)، فتأمّل.
وراجع نظير هذه العبارات للعلامة الحلي (قده) أيضاً في سائر كتبه، منها: التذكرة ج9 ص445، وقواعد الأحكام ج1 ص525، ومنتهى المطلب ج2 ص 994.
خامساً: قال الشهيد الأوّل (ت: 786 هـ) في (اللّمعة الدمشقية ص 75) : (ويجوز للفقهاء حال الغيبة إقامة الحدود مع الأمن ، والحكم بين الناس مع اتصافهم بصفات المفتي وهي : الإيمان والعدالة ومعرفة الأحكام بالدليل والقدرة على رد الفروع إلى الأصول ، ويجب الترافع إليهم ويأثم الراد عليهم).
وغير ذلك من العبارات الكثيرة المبثوثة في كتب فقهاء الطائفة وأعلامها (أعلى الله كلمتهم الشريفة)، ولا يسع المقام لنقلها واستقصائها، وفيما ذكرناه كفاية إنْ شاء الله تعالى.

المبحث الثاني: بيان عدم شمول كلام صاحب الجواهر (قده) للمحقق السيد الخوئي (قده) وغيره من الفقهاء المعاصرين
اتضح مما تقدّم أن موضع كلام المحقق صاحب الجواهر (قده) هو (ولاية الفقيه على إقامة الحدود)، واستنكاره الشديد على من خالف في خصوص ذلك، وإتماماً للمطلب لا بأس بالإشارة إلى أنّ المحقق السيد الخوئي (قده)، وسائر المراجع المعاصرين (دام ظلهم الشريف) غير مشمولين حتى بهذا المقدار من كلام المحقق صاحب الجواهر (قده)، أعني: نفي ولاية الفقيه على إقامة الحدود.
قال المحقق السيد الخوئي (قده) في (تكملة منهاج الصالحين ص 38 ، مسألة: 177)، ما هذا نصّه: (يجوز للحاكم الجامع للشرائط إقامة الحدود على الأظهر).انتهى.
ويظهر بذلك أنّ المحقق السيد الخوئي (قده) يذهب إلى ثبوت (ولاية الفقيه على إقامة الحدود)، وهو المطلوب في كلمات المحقق صاحب الجواهر (قده)، كما أنّ ثبوت هذا النحو من أنحاء الولاية هو مشهور الفقهاء ومراجع الدين المعاصرين (دام ظلهم الشريف)، ويضيق المقام عن نقل كلامتهم (أعلى الله مقامهم الشريف).

والحاصل من جميع ما مر :
أولاً: أنّ كلام المُتحدّث مبتنٍ على تعيين مُتعلَّّق اسم الإشارة (ذلك)، في عبارته : (فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك ، بل كأنه ما ذاق من طعم الفقه شيئا)، بكونه راجعاً إلى (ولاية الفقيه العامّة)، ولا سبيل إلى إثباته، بل واقع كلام مساق المحقق صاحب الجواهر (قده) يأباه، ويدل على خلافه، وهو (ولاية الفقيه على إقامة الحدود)؛ كما تبيّن فيما وافاك.
ثانياً: بعد التعيين الصحيح لمُراد المحقق صاحب الجواهر (قده)؛ يخرج المحقق السيد الخوئي (قده) وسائر الفقهاء ومراجع الدين المعاصرين من عموم كلام المحقق صاحب الجواهر (قده)، الذي مفاده أنّهم لم يذوقوا من طعم الفقه شيئاً ، ولا فهموا قول الأئمة (ع)، وذلك لكونهم أثبتوا للفقيه الجامع للشرائط الولاية على إقامة الحدود، والمفروض أنّ منشأ استشكال صاحب الجواهر هو نفي الولاية التي هي من هذا القبيل، فما نسبه المُتحدِّث إلى صاحب الجواهر (قده) غير تام، وكذا ما رتّبه من نتائج.

وصلِّ اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين، وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين.

جابر جوير
يوم الثلاثاء ، 9 ذو القعدة 1433 هـ ، الموافق: 25 سبتمبر 2012 م.