الاثنين، 7 أبريل 2014

الرَّد على الدكتور حسن الحسيني حول شروط صلح الإمام الحسن (ع) مع معاوية

الرَّد على الدكتور حسن الحُسيني حول شروط صلح الإمام الحسن (ع) مع معاوية
بقلم الشّيخ/ جابر جوير
بسمه تعالى

أولاً: نقل كلماته
قال الحُسيني في حسابه على (تويتر) ( @7usaini ) :
بتاريخ: 20 أغسطس 2011
·        (دعوة للتأمل: الامام الحسن يشترط على معاوية العمل بسنة الخلفاء الصالحين!! أليس إقرارا منه بخلافة ابي بكر وعمر وعثمان، ووصفهم بالصالحين؟؟).
ثم ذكر مصادر ما ذكره، فقال بنفس التاريخ:
·        (جواهر التاريخ لعلي الكوراني العاملي 3 /57، شرح إحقاق الحق للمرعشي 33 /531، صلح الحسن (ع) للسيد شرف الدين ص 265).
·        (كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي 4 /291، كشف الغمة لعلي الإربلي 2/193، الفصول المهمة في معرفة الأئمة لابن الصباغ 2 /729).
·        (النصائح الكافية لمحمد بن عقيل /193 ، حقوق آل البيت (ع) في الكتاب والسنة لمحمد حسين الحاج 107).
وقال بتاريخ: 21 أغسطس 2011
·        (عشرات المؤرخين وعلماء الشيعة نقلوا اشتراط الحسن السير على سنة الخلفاء الراشدين؟ من غير إنكار ولا رد، ماذا يعني هذا؟؟).
·        (من الاهدى سبيلا: علماء الشيعة الذين نقلوا اشتراط الحسن السير على سيرة الخلفاء، بلا رد ولا نكير، أم المعاصرين الذين يتبرؤون من هذا الشرط؟؟،).
·        (ما موقف الشيعة المعاصرين، من العلماء السابقين؟ الذين نقلوا اشتراط الحسن السير على سنة الخلفاء مقرين بهذا ومعترفين به من غير إنكار؟مجرد سؤال).
·        (من أقدم المؤلفين الذين ذكروا اشتراط الحسن السير على سيرة الخلفاء: أحمد بن أعثم الكوفي المتوفى 314هـ، في كتاب الفتوح 4 /291).

ثانياً: الرّد على ما ذكره
أقول: يرد على المُدّعى من جهتين:
أولاً- من جهة السند:
 أ- مصادر الرّواية:
يمكن عدّ المصادر الأوّلية للرواية، مصدرين، باعتبار كون مؤلّفيهما من المتقدّمين:
الأول: كتاب أنساب الأشراف ج3 ص41 برقم: 47 للبلاذري السُّني (ت: 279 هـ).
الثاني: كتاب (الفتوح) ج4 ص291 لأحمد بن أعثم الكوفي (ت:314 هـ).
وأمّا حشد سائر المصادر في قائمة طويلة شملت حتى الكتب المعاصرة فلا معنى له، إذْ هي من قبيل المصادر الثّانوية المستندة إلى سابقتها.
هذا وصاحب (الفتوح) وإنْ قيل أنّه شيعي (الوافي بالوفيات للصفدي ج6 ص160، معجم الأدباء لياقوت الحموي ج1 ص202 برقم:61)، إلاّ أنّه قيل بأنّه شافعي أيضاً (حكاه السيد الأمين (قده) في أعيان الشيعة ج2 ص481 عن صاحب مجالس المؤمنين)، وعدّه المجلسي من مصادر العامّة (انظر: البحار ج1 ص25)، وصرّح المحقّق التُستري (قده) بأنّه من (مؤرّخي العامة)، (انظر: قاموس الرجال ج12 ص90 برقم:231).
مُضافاً إلى أنّ تشيعه غير كاف في ثبوت وثاقته، إذْ لم أقف على من وثّقه من أصحابنا حتى الآن، والتّشيع في نفسه لا يلازم الوثاقة، أضف إلى ذلك أنّ عنوان (التّشيع) أعم من كونه إمامياً اثني عشرياً، مع أنّه مُضعّف عند أصحاب الحديث على ما ذكره الصفدي والحموي (لاحظ: الوافي بالوفيات ج6 ص160، ومعجم الأدباء ج1 ص202 برقم:61).
والحاصل: أنّ المصادر الأوليّة للرواية مصادر سنيّة، لم تثبت وثاقة أصحابها عندنا.
هذا وَيَلي هذا المصدر في القِدَم اثنان، وهمّا في عداد (المتأخّرين) :
الأول: كشف الغُمّة ج2 ص193 للاربلي (قده) (ت: 693هـ).
الثاني: الفصول المهمة ج2 ص729 لابن الصباغ المالكي (ت: 855 هـ)، وهو مالكي المذهب، فما ينقله ليس حجة في نفسه، (راجع ترجمته مُفصلاً في مقدمة تحقيق كتابه المذكور ص15-23، ط. دار الحديث في قم المقدّسة).
وعليه: لا قيمة لما ينقلانه مُرسلاً، فبينهم وبين الرواية مفاوز، على أنّه لا يبعد أنْ يكونا قد نقلاها عن ابن أعثم أيضاً؛ لأنّهما ينقلان عنه في غير مورد كما يظهر بالتّتبع، (راجع مثلاً: كشف الغُمّة ج2 ص108، وص255 وج3 ص279، و كذا: الفصول المهمة ج2 ص772 وص850).
وتوَهُّم: استبعاد هذا الاحتمال بلحاظ اختلاف بعض ألفاظ الخبر بينهم.
مدفوع: باحتمال كونه راجعاً إلى اختلاف النُّسَخ، وهو ليس بعزيز، كما لا يخفى على المُطِّلع.
وأمّا سائر المصادر فهي متأخِّرة عن هذه المصادرة الآنفة الذِّكر، وهي تنقل عنها ولا تتجاوزها، بل وإطلاق عليها عنوان مصادر في غير محلّه.
ب- حال طُرُق الرّواية
مع قطع النّظر عن أحوال المصادر الأوّلية النّاقلة للرواية وأحوال أصحابها، فإنّ الرّواية في جميع تلك المصادر مُرسلة، ومن نقلها لم يشترط الالتزام بخصوص الصّحيح أو المُعتبر، ومحض سكوته ليس من التّصحيح في شيء، فهو أعم منه ومن غيره، ولا يُنسب لساكت رأيٌ، وكذا يُقال بشأن من تأخّر ونقل عنهم.
والحاصل: أنّ الرواية ليست بحجّة عندنا وكذا عند المخالفين.
ثانياً- من جهة الدلالة:
اشتمال الرواية على قيد (الصّالحين) أو (الرّاشدين) أو (الرّاشدين المهديين)، وهو عمدة ما ارتكزت عليه الدّعوى، إلاّ أنّه أخصّ من المُدّعى، إذْ المفروض أنّ المُدّعى ناظر إلى الخلفاء الماضين بمن فيهم الثلاث الاُول، وحينئذ: يلزم من ذلك كونهم من مصاديق (الصّالحين) أو (الرّاشدين) أو (الرّاشدين المهديين)، مع أنّ كونهم كذلك أوّل الكلام، وبيان ذلك:
أنّ هذا مما ينبغي إثباته في مرتبة متقدّمة، ليكونوا حينئذ من مصاديق المركب من القيد والمقيّد، أعني (الخلفاء الرّاشدين)، أو ....إلخ؛ فإنّ الذي وقع فيه المُستَدِل هو فرضيّة محضة لا واقع فعلي محُقّق وراءها، حيث تصوّر أولاً كونهم صالحين راشدين، ثم تصور ثانياً أنّ المتكلم انتزع من مجموع هؤلاء عنوان (صالحين) أو (راشدين)، فهو حينئذ في مقام الخطاب يعنيهم بأعيانهم، باعتبار كونهم المُحقِّقين فعلاً للمفهوم المنُتزع.
والحال: أنّ في عرض هذا الاحتمال ثمّة احتمالين آخرين بقوته، بل مُرجّحان عليه في حال إحراز عدم كونهم كذلك، وهما:
أولاً- أنّ المتكلّم انتزع هذا المفهوم الكُلّي من غيرهم، وهم عموم الخلفاء الرّاشدين، ومن يكون صالحاً راشداً في خلافته، لا خصوص فئة معيّنة تمثّلت بأشخاص معيّنين تلوا رسول الله (ص).
ثانياً- أنّ المتكلّم بمعزل عن الانتزاع الخارجي أصلاً، فهو قد اعتمد على مفهوم كُلّي تشريعي أوجده النّبي الأكرم (ص) للخلافة الصّالحة، يشتمل على شروط شيّدها النبي (ص) في وقت سابق، وقوله (وسيرة الخلفاء الصّالحين) أي: (طريقة الخلفاء الصّالحين)، وهذا غير منحصر بوجود طريقة قائمة فعلاً يؤخذ بها كما لا يخفى، فيكون المعنى حينئذ: طريقة الخُلفاء التي أسّسها ودعى إليها النّبي (ص).
وببيان فنّي آخر: أنّ الكلام - على فرض ثبوت الخبر- مسوق بنحو القضيّة الحقيقيّة لا بنحو القضيّة الخارجيّة، فهو في مقام التّأسيس والانشاء، أعني تأسيس الشّروط، والتي موضوعها هو عنوان (الخلفاء الصّالحين) مُطلقاً، لا خصوص أفراد في الخارج على سبيل التّعيين؛ حتى يدّعى المُستشكل أنّ المُستفاد أمران من الخطاب:
الأول: توصيف لواقع خلفاء ماضين فعليين هم الثّلاث، ورابعهم أمير المؤمنين (ع).
الثاني: ضرورة الالتزام بسيرتهم، مع أنّه حتى مع التّسليم بكون القضيّة خارجيّة؛ فإنّه لا يلزم في الحُكم بصدقها أنْ يكون المَعْني جميع الخلفاء الأربعة، فيكفي حينئذ كون بعضهم جامع لهذه الصفة، وهما أمير المؤمنين ومولى الموحّدين (ع)، والسّبط الحسن (ع) باعتبار كون الأخير (ع) قد انعقدت له الخلافة أيضاً بعد استشهاد أبيه (ع)، فتصح القضيّة حينئذ بلا إشكال.
وتَوَهُّم: أنّ هذا من قبيل استعمال الجمع في المثنى وهو مما لا مُجوز له في اللغة.
مدفوع: بأنّ هذا التَّوهم مبتني على كون المُراد هو خصوص الخلفاء الذي تولّوا بعد رسول الله (ص)، والحال أنّ عنوان (الخلفاء الصالحين) ، أو ....إلخ؛ أعم من ذلك، حيث يشملهم ويشمل عموم من يكون صالحاً وراشداً في خلافته، على أننا قُلنا أنّ القضيّة مأخوذة على سبيل القضيّة الحقيقيّة لا الخارجيّة، فتأمّل.
والحاصل: أنّ ما ذكره الشّخص المذكور (الدكتور حسن الحُسيني) في دعواه بالجملة غير تام.
وصل اللهم على محمد وآله الطاهرين والعن أعداءهم أجمعين، والحمدلله رب العالمين.
جابر جوير
يوم الاثنين
21 من شهر رمضان المبارك 1432 هـ
الموافق: 21 أغسطس 2011 م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق