الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

الميرزا التبريزي (قده) وملعقة الشاي !



قصّة وعِبرة

بمناسبة الذّكرى الثّامنة لرحيل المرجع الكبير الميرزا جواد التبريزي (قده)


بقلم/ الشّيخ جابر جوير

     قبل أكثر مِن تسع سنوات كُنتُ بصُحبة سماحة العلاّمة الشّيخ عبدالله دشتي (حفظه الله تعالى) في زيارة خاصّة لمفخرة عُلماء الإماميّة المرجع الدّيني الكبير الرّاحل آية الله العُظمى الفقيه المُحقِّق المُدقِّق الميرزا جواد التّبريزي (قدّس الله روحه الطّاهرة)، وذلك قبل سنة ونصف السّنة تقريباً مِن وفاته، وتحديداً كان ذلك في ضُحى يوم الاثنين، بتأريخ: 25 صفر 1426 هـ، الموافق: 4 أبريل 2005 م.
     التقيناه في بيته الشّريف بمدينة قـُم المُقدّسة، ذلك البيت المعروف بتألّقه الرّوحي، والذي لا يزال حافلاً بالعطاء باحتضانه طُلاّب العِلم والفضيلة، وما انفكّ يُرسل بعبقه الولائي في كلّ حين.
    وحيث كُنّا في محضره المُبارك (تقدّست نفسه)، وبعد أنْ استقر بنا الجلوس، واكتسى المكان بهيبته، وخشع قلبي لبهائه وشموخه بعد أنْ تشرّفتُ بلثم أنامله الشّريفة؛ شَرَع (قدّس الله سرّه) بشيء مِن الأحاديث الولائيّة، وأفاض علينا برشحاته القُدسيّة، وفوائده العِلميّة، وإذا بأحدهم يدخل علينا يُضيّفنا الشّاي، واتّفق أنْ يخلو ما قدّمه لي مِن مِلْعَقة السّكر، فانتظرتُ ولم أشربه برجاء أنْ يتذكّر مَن صَنَعَهُ أنّه لم يُرفقه بالملعقة، ولكنّه أبطأ!، واستحيت أنْ أستعمل ملعقة مَن معي، فعزمت على أنْ أشربه هكذا، وكيف لي أنْ أفوّت على نفسي بركة شاي الميرزا (طيّب الله ثراه)؟!
    وفي أثناء الحديث التفتَ (رضوان الله تعالى عليه) إلى أنّني لم أشرب بعدُ ما قُدِّم لي مِن الشّاي، فبادرني بالسّؤال: لماذا لا تشربون شايكم شيخنا ؟
    فقُلت -على استحياء- : أشربه إنْ شاء الله تعالى مولانا.
    فتفاجأت أنّه (قدّس الله نفسه) أخذ يُحقّق النّظر في شايي! ثم همّ بالقيام!
    فسأله أحدهم -بما معناه- : بخدمتكم مولانا، ماذا تريدون؟
    فأجاب (رضوان الله تعالى عليه): الشّيخ يحتاج مِلْعَقة!!
    فبادر بعضهم طلباً لإحضار المِلْعَقة لي عوِضاً عنه (طاب مرقده).
    مشهدٌ قصير زمنياً، ولكنه نموذج عظيم يتدفّق بقيمه الرّبانيّة، ويزدحم بالدّلالات المعنويّة، والدّروس التربويّة، شهدّته وعاينته بنفسي، ولا يزال يتوقّد -بما يختزنه- في ذهني، لا أُريد أنْ أُحلّله وأسبر أغواره هنا، ولكن أكتفي بعبارة واحدة فقط، وأترك الباقي لوعي القارئ:
( إنّها مدرسة المُعظَّم الميرزا التّبريزي (عليه شآبيب الرّحمة) )!
    مُلاحظة: أُرفق مع هذه الكلمات صورة لنفس اللّقاء الذي اشتمل على الحادثة المذكورة، التقطها لنا سماحة العلاّمة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ جعفر التّبريزي (دام عُلاه) بكاميرته.


* القصّة منشورة في الموقع الرّسمي للمرجع الرّاحل (قده) على الإنترنت: 


جابر جوير


الكويت

الذّكرى الثّامنة لرحيل الميرزا التّبريزي (طيب الله ثراه)
 يوم الاثنين

28 شوّال 1435

25 أغسطس 2014م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق