الجمعة، 30 أغسطس 2013

مشروع الوصاية على شيعة الكويت

"تعرية المشروع وملاحقة ملامحه وخلفياته"
(السلسة الكاملة للمقالات التي نُشرت في جريدة الأنباء الكويتية)

بقلم: الشيخ جابر جوير

مدخل:
تُشكِّل طائفة الشيعة نسبةً ليست بالقليلة بالقياس إلى مجموع الشعب الكويتي، ولهذه الطائفة تأريخ عريق حافل بالعطاء والإنجازات؛ فقد ساهم أبناؤها في بناء الكويت بصورة متميّزة ومُشرقة؛ جنباً إلى جنب مع سائر مكونات وأطياف الشعب الكويتي، كما أنّهم لم يألوا جُهداً في الدفاع عن أرضهم والذود عنها، وقد سجّل التاريخ هذه المواقف الوطنية؛ التي يضيق المقام بإحصائها وذكرها.
كما لم يكن الشيعة بمعزل عن الحراك السياسي، فقد التحقوا ضمن المشاركة الشعبية في السلطة؛ يشاطرون غيرهم حق اتخاذ القرار السياسي وإدارة البلاد، من خلال التمثيل النيابي، والتواجد تحت قبّة البرلمان، إمّا بصورة الأعضاء المستقلّين الذي يمثّلون من انتخبهم، أو بصورة ممثلي التيارات والتجمعات والقوى السياسية الشيعية، مُضافاً لدخولهم في تشكيل الحكومة وتسلّم الحقائب الوزارية، وهكذا كان أداؤهم السياسي التقليدي في ظل الحياة الديمقراطية التي تسود البلاد، من غير أنْ تكون هناك جهة خاصّة تُمثّلهم بمجموعهم، وتمارس وظيفة الناطق الرسمي عنهم، حتّى جماعة العلماء (ولا نعني بها تجمع علماء الشيعة الذي تأسس عام 2001، بل عموم علماء الشيعة في الكويت) الذين لهم تأثيرهم وكلمتهم في المجتمع الشيعي؛ والذين لم ينفكّوا عن التصدّي حين يقتضي مستوى الحدث تصدّيهم؛ فإنّهم إنما يتدخلون متجرّدين عن أيّ إدعاء غير كونهم يمثلون أنفسهم، ويؤدّون تكليفهم الشرعي، ويسجّلون كلمتهم التي يتطلبها أُفق الحدث.
إلاّ أنّه بدأت في الآونة الأخيرة، تبرز ملامح ظاهرة جديدة غير مسبوقة في مشهد الواقع الشيعي، تتلخص في ظهور مساعٍ من قبل (البعض الشيعي) تهدف إلى فرض وصاية (هذا البعض) على شيعة الكويت، وتجسيد وظيفة الناطق الرسمي عنهم! ، والمبادرة لاختطاف الرأي الشيعي ومصادرته! الأمر الذي يدعو إلى وقفة جادّة؛ لفهم ودراسة تداعيات هذه الظاهرة المعضلة وملاحقة ملامحها وإزاحة الغُبار عن خلفياتها.
إرهاصات مشروع الوصاية:
يُمكن أنْ يُقال أنّ ملامح ولادة مشروع (الوصاية) على شيعة الكويت برزت منذ صدور قرار تجنّب انضمام أصحاب هذا المشروع – سياسياً- مع أي تجمع أو تيار شيعي آخر، فبعد تجربة (الائتلاف الإسلامي الوطني/1991م)، الذي كان بمثابة الوعاء الذي ضمَّ أكثر صفوف القوى السياسية والدينية لأبناء الطائفة الشيعية؛ لم تُسجّل لهم أي مُشاركة سياسيّة موحّدة؛ كما تجلّى ذلك في غيابهم عن (ائتلاف التجمعات الوطني/2005م)، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ التحضير لتدشين المشروع الجديد يأتي في طليعة دواعي عدم المشاركة.
وممّا يُعزز هذه الرؤية أنّ أصحاب هذا المشروع ممن سعى باتجاه تقويض (الائتلاف الإسلامي الوطني/1991م)؛ تمهيداً لولادة كيان جديد مستقل سيتحرك في المستقبل على أساس مبدأ (الوصاية)، مما أدّى إلى تجميد نشاطه، وانحلاله في نهاية الأمر، ولا نحتاج هنا للتدليل على هذه الدعوى، لوضوح الاتجاه العملي الذي سلكه أصحاب المشروع لتحقيق هذا الغرض آنذاك، وبصورة ظاهرة لدى سائر أعضاء الائتلاف المُنحَل، كما لا يخفى موقع هذه الخطوة في تشييد المشروع، إذْ من الواضح جداً أنّ (الوصاية) توجب أنْ يكون (الوصي) متقدّم مرتبةً على (الموصى عليه)، وهذا مما لا يُمكن إحرازه مع وجود (الائتلاف) الذي تذوب فيه الفوارق والمميزات بمقتضاه، مُضافاً لكون فكرة (الوصاية) مما لا يُمكن القبول بها من قِبل سائر منتسبي الائتلاف، وهذان العاملان سيدفعان أيضاً إلى خيار عدم المشاركة في الائتلاف القادم (أعني 2005م)، حيث تغيّبوا عنه، ولم ينل منهم حتى المُباركة !
نعم كانت هناك بعض الخطوات العملية المُضمرة في محاولة التنسيق مع بعض امتدادت القوى والتجمعات السياسية الشيعية على المستوى الثقافي والاجتماعي، إلى جانب بعض الخطوات المُعلنة على المستوى السياسي كمحاولة الاشتراك بالتمثيل النيابي في البرلمان من خلال القوائم الانتخابية، إلاّ أنّها مع ذلك لا ترتقي إلى مستوى الاتحاد الذي يلقي بظلاله على جميع أبعاد الحركة أو التيار، بحيث يُشكّل كياناً واحداً غير قابل للفرز، مع أنّ مقاصد هذا المقدار من الاتفاقات المُبرمة تنحصر بتحقيق بعض الطموحات التي يتطلع إليها أصحاب المشروع، والتي توزّعت بين محاولة الاستفادة من القواعد الشعبية لتلك القوى والتجمعات السياسية في رفع سقف الأصوات الانتخابية، وبين خدمة مشروع الوصاية وتُغذّيته، وإنْ غاب هذا الأخير عن الأطراف الأخرى المُشاركة، بصورة يأتي توضيحها في محلّه من سلسلة هذه المقالات، والحاصل أنّ الهدف من تلك الخطوات هو تسجيل بعض الأهداف لصالح هؤلاء؛ ولو كان على حساب الطرف الآخر الذي دُعي للعمل المشترك.

قراءة في الخطّة الإجرائية:
يتم تنفيذ مشروع الوصاية بمهارة سياسية فائقة، وعبر عدة خطوات إجرائية مدروسة بدقّة واحتراف متناهيين، وتتبلور في بعدين:
البُعد الأوّل: صياغة خطاب خاص موجّه لخارج المحيط الشيعي
البُعد الثاني: تفعيل حزمة إجراءات عملية على مستوى الداخل الشيعي
والوقوف على تفاصيل هذين البعدين لقراءتهما قراءة واعية؛ يقضي بضرورة عرض المُقاربة الآتية:
أوّلاً في البعد الأوّل: صياغة خطاب خاص موجّه لخارج المحيط الشيعي
بُنْيَة الخطاب الموجّه لخارج البيت الشيعي:
عمدة الجهود والمساعي المبذولة في هذا الاتجاه ترمي إلى خلق مُركّب ذهني؛ يستقر في منطقة اللاّ وعي لدى خارج المحيط الشيعي؛ يرتكز مفاده على أنّ أصحاب (مشروع الوصاية) هم النموذج الأمثل لتمثيل الشيعة، مما يستدعي بالنتيجة إلى تعامل الخارج فعلاً مع هؤلاء على أنّهم الجهة الرّسميّة أو شبه الرّسميّة المُمّثلة للكيان الشيعي في البلاد، ومما ينعكس أيضاً -مع امتداد عامل الوقت -على تلقين ذهنيات الداخل ولو على مستوى شريحة كبيرة منهم.
ويُمكن أنْ نستخلص تلك الجهود والمساعي في إطار الرؤية التالية:
مواجهة الداخل الشيعي وتأسيس ثقافة المواءمة:
يدأب أصحاب المشروع على العمل باتجاه تكريس مواجهة ورفض بعض الأطروحات في الداخل الشيعي؛ والتي تثير حساسية وسخط الطرف الآخر (الخارج)، - بعكس المرونة التي يُبدونها مع نظائر تلك الأطروحات في الخارج- ، لإيصال رسالة للخارج؛ مفادها أنّهم النموذج الناضج والأمثل للشيعة والتشيع وفق ما يقتضيه معيار الخارج، والنموذج الوحيد الذي يمكن أن تُخلق معه حالة الانسجام والتناغم من خلال المواءمة التي تصل رُبما إلى حدّ الانصهار الجزئي، ومن ثم يكون هو الأجدر والأولى لتمثيل الشيعة، مع التأكيد على كون المواجهة المذكورة تتخذ صورة الكثافة الإعلامية المطلوبة لزرع رسالة الأقدرية والأولوية بتمثيل الشيعة، وهذا ما يُفسّر المواقف البشعة والمتشنّجة التي تصدر عنهم في سياق مواجهة بعض أُطروحات الداخل الشيعي في كل مناسبة وغير مناسبة!
مع إضافة بند مهم في تلك الرسالة؛ وهو أنّ أصحاب هذا المشروع سيمثّلون دور الحارس الشخصي، الذي يتكفّل بمواجهة وإدانة أي خطاب من شأنه المساس بما يثير المساس به الخارج ويزعجه ويؤجج مشاعره، ولن يتردد هذا الحارس الشهم والمخلص في سحق أصحاب تلك الخطابات المثيرة للفتن (في نظرهم!).
التفريط العملي بالموروث المذهبي وتقنين الموقف الدفاعي:
يُمكن بسهولة رصد تفاقم ظاهرة التنازل (عملياً) عن بعض (الثوابت العقائدية) من خلال التلكؤ في نصرتها وصيانتها من المساس، وعدم الاكتراث بما من شأنه النيل من بعض المقدّسات المذهبية، أو على الأقل الاكتفاء بالعمل على نصرة بعضها فقط، وفي إطار النصرة الصورية، المقتصرة على بعض الكلمات الباهتة التي تُنشر كإعلان (مدفوع الثمن) بعنوان (بيان) في بعض الصحف!، مما لا يُقاس أصلاً بجهودهم المبذولة في نواحي أخرى، وكل ذلك يأتي في سياق تعزيز ضمان احتواء الخارج، وعدم تبدد الجهود والمشاريع المُنجزة لكسبه.
السلبية أو انحسار عنصر الإيجاب مع القضايا الشيعية:
تتبدّى -وبصورة واضحة- ظاهرة التراجع في التعاطي الإيجابي مع القضايا الشيعية العامّة في البلاد، كالسّكوت عن تعليق بعضها وتركها بلا حسم، وكعدم المطالبة الجدّية بحقوق الشيعة وتطلّعاتهم على المستوى العام، أو على مستوى الأفراد، بل تمتد هذه السلبية لتشمل حتى صورة التعاطي مع المناسبات الدينية المعروفة، فأدنى مقارنة بين ما يُبذل لبعض البرامج السياسية وما يُبذل لإحياء المناسبات كفيلة بإثبات ذلك التراجع، وهذا كله يشي –للخارج- بكون أصحاب هذا المشروع لا يشكّلون مصدر تهديد، ويفضي إلى التقليل من هاجسه في هلعه من التمدد الشيعي، مما يخدم في المحصّلة تقبّل أصحاب المشروع على أنّهم أهلاً للتمثيل المطلوب.
مضاعفة وتكثيف خطاب الوحدة:
تكريس خطاب الوحدة الوطنية، أو الوحدة بين (السنّة والشيعة) بنحو استهلاكي ومُبتذل جداً، ومع أنّنا لسنا ضد فكرة الوحدة، لكننا ضدّ فكرة تسليعها والتكسّب بها، والتعامل معها على أساس كونها رقماً في اللعبة السياسية، فتتحول من كونها غاية وهدفاً سامياً إلى وسيلة وأداة لتحقيق الأغراض والطموحات السياسية، ولا يخفى ما في العزف على وتر الوحدة من خدمة جليلة للمشروع على ضوء ما ذكرناه آنفاً.
تبنّي وتنامي مبدأ الموالاة مع السلطة:
الانفتاح الكاريكاتيري المُفرط على السلطة، والارتماء بين أحضانها؛ بمعونة تحريك بعض الوجهاء والتجار الذين تربطهم علاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية بالسلطة، بل ومحاولة إيجاد أرضية للتنسيق المُباشر مع بعض أجنحة الأسرة، وكل ذلك بصورة قابلة للرصد من قبل المُراقب العادي، والذي تلقّاه بعض المراقبين على أنّه نوع من أنواع التأرجح السياسي، الذي تقتضيه الممارسة السياسية والظرف الزماني الضاغط!، وغفلوا عن موقع هذه الخطوة وما تختزنه من دلالات تأتي في سياق تنفيذ وتمرير المشروع المُزمع فرضه كواقع في الوسط الشيعي.
فسياسة الانفتاح المذكورة توفِّر بعض المكتسبات السياسية ذات القيمة العالية التي يُمكن أنْ يحظوا بها من جهة، ومن جهة أخرى، محاولة الحصول على شرعية سياسية للوصاية؛ تنحدر من مضلّة جهة عُليا، لتحرج الشيعة أو على الأقل قسم كبير منهم، وتضعهم أمام الأمر الواقع -كما يُقال-، مُضافاً إلى اقناع قسم آخر منهم بكون هؤلاء مأهّلّين لقيادة الشيعة والوصاية عليهم؛ لما لديهم من حظوة وموطئ قدم عند السلطة، أو على أقلِّ تقدير؛ تُوْهِم الشيعة -من خلال التغطيات الإعلامية والبرامج الميدانية التي تُبرز جانب الانفتاح والتعاون مع السلطة - بأنّ أصحاب هذا المشروع يتوفرون على تلك الحظوة المزعومة.
ثانياً: في البُعد الثاني: حزمة إجراءات عملية على مستوى الداخل الشيعي
يُمكن إجمالها كالتالي:
توظيف حالة تشظّي البيت الشيعي لصالح المشروع:
الاستفادة من حالة الاختلاف والتّشظي التي تبدو ظاهرةً بين الخطوط والأطياف الشيعية بصفة عامّة، التي تفرضها أحياناً اختلاف المرجعيات، أو عدم الاتفاق على صيغة موحّدة للعمل السياسي، أو اختلاف بعض القناعات الذي ينعكس أثره على صورة العلاقة وطبيعتها، وهذا ما يُفسِّر إهمال أصحاب هذا المشروع للسعي نحو الوحدة داخل البيت الشيعي؛ إزاء المبالغة في السعي المتضخم والمفرط نحو نظيرها مع خارجه، لأنّ الوحدة داخله من الواضح أنّها تجهض مشروع الوصاية، إذْ لن يُنفّذ هذا المشروع مع فرض وجودها إلاّ بعد إحراز موافقة الداخل بكافة أطيافه الموحّدة -حسب الفرض-، وهذا مما لا يُمكن أنْ يقبله مجموع الشيعة بأي نحو من الأنحاء، لذا فكرة الوحدة (الشيعية الشيعية) لا يمكن أنْ تخدم مشروع الوصاية، بل كفيلة بإرهاقه والقضاء عليه لو قُدر لها أن تتحقق.
تعزيز حالة الانقسام والاختلاف داخل الخطوط والتيارات:
يعمد أصحاب المشروع إلى إيجاد أعمال بسيطة وهشّة مشتركة مع بعض الخطوط والتيارات الشيعية على المستوى الثقافي والاجتماعي، وذلك بالاستفادة من ظاهرة التصدّعات أو الاختلافات داخل تلك الخطوط والتيارات أنفسها، فيتم استهداف الأجنحة التي تقبل بمقدار من العمل المشترك مع أصحاب هذا المشروع، ويُراد من هذا العمل تحقيق مطلبين (أو أكثر)؛ أولهما المساهمة في تعميق حالة الاختلاف داخل التيار الواحد، إذْ أنّ إيجاد عمل موحّد مع هؤلاء، رُبما يثير حفيظة سائر (أو بعض) الأجنحة الأخرى، مما يزيد في هُوّة الخلاف، فتتعزز بذلك حالة الانقسام، وما يقود إليه من ضعف التيار وإنهاك قِواه وشبه انهياره بسبب انشغاله بالصراع الداخلي، مما يولّد الغفلة عن متابعة الساحة بالنحو الدقيق، مُضافاً لشبه إخلائها لأصحاب المشروع.
اختراق مكوّنات البيت الشيعي:
وثانيهما اختراق الخط أو التيار والتسلل إلى معاقله لاستقطاب فئة الشباب والناشئة، فإنّهم أقصر الطرق وأسهلها للاستيلاء على طاقات الخط أو التيار، ويتم ذلك عبر الاستفادة من العلاقات الاجتماعية والاحتكاك العفوي نتيجة ما تفرضه طبيعة محدودية المجتمع الكويتي، وتقلّص مساحة الأرض نسبياً، والالتقاء العفوي في المدارس والجامعات والوظائف في الدوائر الحكومية، وغيرها.
التنظير لصناعة (قائد) شيعي واستيراد ثقافة القيادة:
الدفع باتجاه صنع (قائد) ميداني للشيعة داخل الكويت، مستوردين بذلك تجارب بعض الدول التي اقتضى الوضع السياسي والظروف الموضوعية والأجواء الماثلة فيها؛ ضرورة وجود قائد شيعي تتلاشى عنده أي قيادة أخرى، وتفقد القرارات قيمتها في محضر قراراته الصادرة وتوصياته، قضاءً لحقِّ التبعية والانقياد، فيُديرهم بصفة عامّة، ويُنظّم صفوفهم، ويتلقّون منه ما يضمن لهم استقرارهم وصون تماسكهم، مع أنّ طبيعة الحياة السياسية في الكويت تأبى ذلك، وهذا واضح بقليل من التأمّل! .
إيجاد حالة التقاطع المصلحي مع التُجّار والوجهاء:
لا يخفى موقع عنصري (التُجّار) و(الوجهاء أو الأعيان) في إنجاح أي مشروع سياسي، ولذا لم يدع أصحاب المشروع محاولة التنسيق مع بعض التجار والوجهاء الشيعة، للحصول على كل من الدعم المادي والمعنوي المطلوبين لتنفيذ هذا المشروع الضخم والحساس في نفس الوقت، ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى الحرص على إظهار العلاقة مع هذين العنصرين في الهواء الطلق بمرأى ومسمع الجميع، ولعله (من) الشواهد (الواضحة) على ذلك، والتي يُمكن أنْ يلتفت إليها المُراقب العادي؛ محاولتهم لزجِّ هذين العنصرين في بعض البرامج العامّة، لإقناع المتلقّي الشيعي أنّهم يتوفّرون على المقوّمات التي تجعل منهم أهلاً لأنْ يشغلوا وظيفة الأُمناءً على المذهب، والأوصياء على أتباعه.
إلغاء الآخر الشيعي واعتماد منطق الاستخفاف:
الاستخفاف أو الاستهزاء غير المُبرّر بالجهود التي يبذلها بعض الشيعة في سياق ممارسة حق الدفاع عن المذهب ومقدّساته، والمطالبة بالحقوق والمكتسبات الوطنية، ونقد تلك الجهود بصورة تهزّ ثقة الشارع الشيعي بها، وتظهر هذه الجهود وأصحابها على أنهم ليسوا على مستوى من الكفاءة الكافية لإيصال الصوت الشيعي للجهات المَعْنيّة، وهذا يقود إلى قطع الطريق على ناشطي الشيعة، وسحب البساط من تحت أقدامهم، واحتكار الخطاب الشيعي، بحيث تفقد أي محاولة في اتجاه الدفاع عن المذهب قيمتها من جهة، ومن جهة أخرى ما يظنون أنّ هذا الصنيع فيه تسديد ضربة عنيفة ينجم عنها هزيمة نفسية لمن تصدّى وتحرّك باتجاه تفعيل حق الدفاع والمطالبة بالحقوق، مما يترتب عليه فيما بعد العزوف عن التصدي – حسب ما يفترضه أصحاب المشروع- .
استغلال  بعض الرموز الشيعية:
استضافة بعض الرموز الشيعية الدينية منها والسياسية - سواءً تلك التي تنحدر من تيارات أخرى، أو ذات موقع مؤثّر في المجتمع الشيعي ولا تنتمي إلى تيار معيّن- في برامجهم وأنشطتهم، مما يفسح المجال لتوجيه رسالة غير مباشرة لشريحة كبيرة من أتباع هذه التيارت ولغير أتباع هذه التيارات، تحمل دلالات موهمة بوجود حالة الرضا والقبول من قبل الرموز، فلا معنى حينئذ لتردد وتحفُّظ غير الرموز، ومما يورث حالة الشعور بالضعف عند الآخر، فيكون بين خيارين إمّا أن ينكفأ على نفسه ويلتزم الصمت، أو على الأقل يُبدي اعتراضه بصوت خافت لا يترشّح عنه أيّ تغيير في الواقع، وإمّا يلحق بالركب ويكف عن الاعتراض والتمرّد! .

انتهى.

تاريخ النّشر:
نُشرت على التوالي بتاريخ:
3 ، 4 ، 5، 6 يونيو 2012

روابط المقالات في موقع جريدة (الأنباء) الكويتية:
(1)
(2)
(3)
(4)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق