الخميس، 31 يوليو 2014

الانتصار لزعيم طائفة الأبرار (7)

في

|مسألة سهو النّبي (ص) المُختار|

الرّد على الشّبة التي أثارها (الغزي) و(فضل الله) و(الحيدري) وبعض (أهل السنة)

حول رأي المحقق السيد الخوئي (قده) في مسألة سهو النّبي (ص)

(مع قراءة نقديّة ومناقشات علميّة لأبرز الرّدود)

بقلم: الشّيخ جابر جوير

~ الحلقة السّابعة ~  

 *****************************


المطلب الثّاني: مناقشة تفاصيل مُشْكِلة  ذكرها السّيد الحيدري

    تقدّم كلام السّيد الحيدري بِطولِه فراجعه في محلِّه[1]، وتوفّر كلامه على عدّة مواضع في غاية الإشكال، وتُمكن المُناقشة في عدّة أمور: 

     الأمر الأوّل: أنّ الإشكال الذي قدّره لا معنى له أصلاً! ؛ إذْ لا معنى لقولنا : (هذا الرجل كان في القديم ما يلتفت)!؛ فلا توجد ثمّة علاقة منطقيّة بين كونه مِن القدُماء وعدم الالتفات.

      الأمر الثّاني: على أنّ الإشكال في نفسه لا يخلو من الإجمال، بل هو في غاية الإجمال؛ إذْ لم تُبَيَّن جهة الالتفات وعدمه، فلاحظ.


     وبذلك: يتّضح أنّ ما ذكره ليس مِن المنهج العِلمي في شيء!، ويملؤه الارتباك.

     الأمر الثّالث: أنّه ذكر كُلاًّ مِن المُحقّق السّيد الخوئي (قده) وتلميذه المُحقق الميرزا جواد التّبريزي (قده) في سياق الجواب عن الإشكال المُتقدّم، ولا معنى لذلك أصلاً؛ إذْ المفروض أنّه ذكرهما بداعي النّقض، بحيث جعلهما نموذجَيْن مِن المُتأخّرين مِمّن تورّط في نسبة السّهو إلى النّبي (ص)، والحال: أنّ ما ذكره لا يُثبت مقصوده! ، فإنّه اعترف بأنّهما (قدهما) لم يفيدا شيئاً في المقام لا على سبيل الإثبات ولا على سبيل النّفي، بل ونقل مِن كلماتهما (قدهما) ما يفيد النّفي!

       فيتحصّل مِن ذلك: أنّ ما ذكره أقرب شيء إلى العبث مِن البحث العِلمي المحكوم بضوابطه وأدواته.

      الأمر الرّابع: أنّه استفاد مِن عبارة المُحقق السّيد الخوئي (قده) : عدم وجود دليل يقيني على امتناع السّهو في الموضوعات الخارجيّة، وهذا مُبتني على انعقاد مفهوم الحصر الذي بحثناه فيما تقدَّم بما لا مزيد عليه.

     الأمر الخامس: أنّه أومأ إلى عدم عِلْمه بتأريخ المتقدّم والمتأخّر مِن موارد النّفي، ومورد (الاستفتاء).

     وفيه: أنّ تأريخ كلّ منهما لا يخلو حاله مِن أحد أمرين:

     الأوّل: له مدخليّة فيما نحن فيه.
     الثّاني: ليس له مدخليّة فيما نحن فيه.

     والظّاهر أنّ مُختاره هو الأوّل، وإلاّ ما ذكره يعدُّ لَغْواً، لا سيّما وأنّه دعا إلى بحث الموضوع، ومع تصوّر عدم المدخليّة لا يكون ما طَلَبَه إلاّ عبثاً.

     فإنْ تقرّر ذلك: فإنّ عدم بحثه في التّأريخ قصور كبير يعتري بحثه؛ لأنّ كونه ذا مدخليّة معناه: مؤثّريته في نتيجة البحث، وقيمة الجواب الذي أبداه مُقابل السّؤال أو الإشكال المُقدّر، خصوصاً أنّه مِن السّهل جداً معرفة تأريخ الجميع بمُراجعة نفس هذه الكُتب التي نقل عنها.

     على أنّ التّحقيق: أنّ العلم بالتّأريخ لا مدخليّة له فيما نحن فيه؛ فما ذكره لا يُجدي في شيء، ولا ثمرة فيه، وبيان ذلك:
     أنّ المورد ليس مِن قبيل تعارض المُتناقِضَيْن؛ أي: النّفي والإثبات، وإّنما هو مِن قبيل التّعارض بين النّفي والسّكوت، وفرق شاسع بين الصّورتَيْن.

      توضيحه: أنّ في الصّورة الأولى يُقدّم ذو التّأريخ المُتأخّر بإسقاط المُتأخّر تأريخاً -مع عدم الالتزام بالتّناقض أو التّهافت والوقوف عنده- ، وفي الثّانية: يتعيّن أحد طَرَفَي المسكوت عنه على كل حال، سواء كان التّأريخ مُتقدّماً أو متأخّراً.

      وعليه: لا توجد ثمّة مدخليّة للبحث التّأريخي فيما نحن فيه؛ فإنّ البحث معقود للجواب عن الإشكال المُقدّر، وبضمّ المنقول عنهما (قدهما) في نفي السّهو يرتفع موضوع الإشكال مِن رأس.

     الأمر السّادس: فسّر (القدر المُتيقّن) بالثّابت.

      وفيه: أنّ القدر المُتيقّن صِفة تعرض على حصّة خاصّة من (الثّابت)، وإنْ شئت فقل: صفة لِفَرْد مِن أفراد الثّبوت، وهو المقطوع ثبوته، فالنّسبة بينهما نسبة العُموم والخُصوص المُطلق، وبه يتّضح أنّ التّعبير عنه بالثّابت في غير محلّه.

     وعليه: نفي القدر المُتيقّن لا يلزم منه نفي الثّبوت؛ إذْ قد يكون الثّبوت مُتحققاً على سبيل الظّن الخاص مثلاً.

     والثّمرة في ذلك: أنّه في فرض حمل معنى القدر المُتيقّن على (الثّابت)، فإنّ مدلول عبارة المُحقّق السّيد الخوئي (قده) مفهوماً سيكون: نفي الثّبوت عمّا هو مِن سِنْخ الموضوعات الخارجيّة؛ ولذا حتّى المُستشكِل عبّر بقوله: (الثّابت فقط).

      أضف إلى ذلك: أنّ هذا المعنى لا تستقيم معه سائر عبارات المُستشكِل؛ لأنّه قال: (أنا ما أريد أقول هنا يُثْبت لا سامح الله، أبداً أبداً، ولكنّه أيضاً نفى أو لم ينف؟ ها؟ نفى السّهو في الموضوعات أو لم ينف؟ لم ينف هنا أبداً أبداً)، لأنّ عدم ثُبوت السّهو الممنوع في الموضوعات الخارجيّة يُساوق إثبات السّهو فيها بلا إشكال، ونفي الثّبوت معناه نفيه بتمام أفراده، فتدبّر.

      فيتحصّل مِن جميع ما مر: أنّ ما ذكره مضطرب جداً، ومشحون بالارتباك، ولا يرجع إلى معنى محصّل، وأنّ النّقض على الإشكال المُقدّر ببعض المتأخّرين وهما: المُحقّق السّيد الخوئي (قده)، وتمليذه المُحقق الميرزا التّبريزي (قده)؛ نقض في غير محلّه، على أنّ نفس الإشكال المُقدّر الذي جعله المُسْتشكِل مُنطَلَقاً لإثارة البحث لا يخلو مِن خفاء!



للبحث تتمّة ،،،




[1]  انظره في موضعه مِن هذا البحث؛ في: (الحلقة الثّانية) : (المبحث الأوّل) : (المطلب الأوّل) : (الشّخصيّة الرّابعة).

http://jaberjuwair.blogspot.com/2014/07/2.html 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق